الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
قال: [ولا يجوز أن يجعل له فضل دراهم] يعني إذا شرط جزءا معلوما من الثمرة ودراهم معلومة كعشرة ونحوها, لم يجز بغير خلاف لأنه ربما لم يحدث من النماء ما يساوى تلك الدراهم فيتضرر رب المال ولذلك منعنا من اشتراط أقفزة معلومة ولو شرط له دراهم منفردة عن الجزء, لم يجز لذلك ولو جعل له ثمرة سنة غير السنة التي ساقاه فيها أو ثمر شجر غير الشجر الذي ساقاه عليه أو شرط عليه عملا في غير الشجر الذي ساقاه عليه, أو عملا في غير السنة فسد العقد سواء جعل ذلك كل حقه أو بعضه أو جميع العمل, أو بعضه لأنه يخالف موضوع المساقاة إذ موضوعها أن يعمل في شجر معين بجزء مشاع من ثمرته في ذلك الوقت الذي يستحق عليه فيه العمل. وإذا ساقى رجلا, أو زارعه فعامل العامل غيره على الأرض والشجر لم يجز ذلك وبهذا قال أبو يوسف, وأبو ثور وأجازه مالك إذا جاء برجل أمين ولنا أنه عامل في المال بجزء من نمائه فلم يجز أن يعامل غيره فيه, كالمضارب ولأنه إنما أذن له في العمل فيه فلم يجز أن يأذن لغيره, كالوكيل فأما إن استأجر أرضا فله أن يزارع غيره فيها لأنها صارت منافعها مستحقة له فملك المزارعة فيها, كالمالك والأجرة على المستأجر دون المزارع كما ذكرنا في الخراج وكذلك يجوز لمن في يده أرض خراجية أن يزارع فيها لأنه بمنزلة المستأجر لها وللموقوف عليه أن يزارع في الوقف, ويساقى على شجره لأنه إما مالك لرقبة ذلك أو بمنزلة المالك ولا نعلم في هذا خلافا عند من أجاز المساقاة والمزارعة والله أعلم. وإذا ساقاه على ودى النخل أو صغار الشجر, إلى مدة يحمل فيها غالبا ويكون له فيها جزء من الثمرة معلوم صح لأنه ليس فيه أكثر من أن عمل العامل يكثر, ونصيبه يقل وهذا لا يمنع صحتها كما لو جعل له سهما من ألف سهم وفيه الأقسام التي ذكرنا في كبار النخل والشجر, وهي أننا إن قلنا: المساقاة عقد جائز لم نحتج إلى ذكر مدة وإن قلنا: هو لازم ففيه ثلاثة أقسام: أحدها أن يجعل المدة زمنا يحمل فيه غالبا فيصح فإن حمل فيها فله ما شرط له, وإن لم يحمل فيها فلا شيء له والثاني أن يجعلها إلى زمن لا يحمل فيه غالبا فلا يصح وإن عمل فيها فهل يستحق الأجر؟ على وجهين وإن حمل في المدة, لم يستحق ما جعل له لأن العقد وقع فاسدا فلم يستحق ما شرط فيه والثالث أن يجعل المدة زمنا يحتمل أن يحمل فيها ويحتمل أن لا يحمل فهل يصح؟ على وجهين فإن قلنا: لا يصح استحق الأجر وإن قلنا: يصح فحمل في المدة, استحق ما شرط له وإن لم يحمل فيها لم يستحق شيئا وإن شرط نصف الثمرة ونصف الأصل, لم يصح لأن موضوع المساقاة أن يشتركا في النماء والفائدة فإذا شرط اشتراكهما في الأصل لم يجز, كما لو شرط في المضاربة اشتراكهما في رأس المال فعلى هذا يكون له أجر مثله وكذلك لو جعل له جزءا من ثمرتها مدة بقائها لم يجز وإن جعل له ثمرة عام بعد مدة المساقاة, لم يجز لأنه يخالف موضوع المساقاة. وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل فيه حتى يحمل ويكون له جزء من الثمرة معلوم, صح أيضا والحكم فيه كما لو ساقاه على صغار الشجر على ما بيناه وقد قال أحمد في رواية المروذي, في رجل قال لرجل: اغرس في أرضى هذه شجرا أو نخلا فما كان من غلة فلك بعمل كذا وكذا سهما من كذا وكذا فأجازه واحتج بحديث خيبر في الزرع والنخيل, لكن بشرط أن يكون الغرس من رب الأرض كما يشترط في المزارعة كون البذر من رب الأرض فإن كان من العامل, خرج على الروايتين فيما إذا اشترط البذر في المزارعة من العامل وقال القاضي: المعاملة باطلة وصاحب الأرض بالخيار بين تكليفه قلعها, ويضمن له أرش نقصها وبين إقرارها في أرضه ويدفع إليه قيمتها, كالمشترى إذا غرس في الأرض التي اشتراها ثم جاء الشفيع فأخذها وإن اختار العامل قلع شجره فله ذلك, سواء بذل له القيمة أو لم يبذلها لأنه ملكه فلم يمنع تحويله وإن اتفقا على إبقاء الغراس ودفع أجر الأرض, جاز ولو دفع أرضه إلى رجل يغرسها على أن الشجر بينهما لم يجز, على ما سبق ويحتمل الجواز بناء على المزارعة فإن المزارع يبذر في الأرض, فيكون الزرع بينه وبين صاحب الأرض وهذا نظيره وإن دفعها على أن الأرض والشجر بينهما فالمعاملة فاسدة, وجها واحدا وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف, ومحمد ولا نعلم فيه مخالفا لأنه شرط اشتراكهما في الأصل ففسد كما لو دفع إليه الشجر والنخيل ليكون الأصل والثمرة بينهما, أو شرط في المزارعة كون الأرض والزرع بينهما. وإذا ساقاه على شجر فبان مستحقا بعد العمل أخذه ربه وثمرته لأنه عين ماله, ولا حق للعامل في ثمرته لأنه عمل فيها بغير إذن مالكها ولا أجر له عليه لذلك وله أجر مثله على الغاصب لأنه غره واستعمله, فلزمه الأجر كما لو غصب نقرة فاستأجر من ضربها دراهم وإن شمس الثمرة فلم تنقص أخذها ربها, وإن نقصت فلربها أرش نقصها ويرجع به على من شاء منهما, ويستقر ذلك على الغاصب وإن استحقت بعد أن اقتسماها وأكلاها فلربها تضمين من شاء منهما, فإن ضمن الغاصب فله تضمينه الكل وله تضمينه قدر نصيبه, ويضمن العامل قدر نصيبه لأن الغاصب سبب يد العامل فلزمه ضمان الجميع فإن ضمنه الكل رجع على العامل بقدر نصيبه لأن التلف وجد في يده, فاستقر الضمان عليه ويرجع العامل على الغاصب بأجر مثله ويحتمل أن لا يرجع الغاصب على العامل بشيء لأنه غره فلم يرجع عليه, كما لو أطعم إنسانا شيئا وقال له: كله فإنه طعامى ثم تبين أنه مغصوب وإن ضمن العامل, احتمل أنه لا يضمنه إلا نصيبه خاصة لأنه ما قبض الثمرة كلها وإنما كان مراعيا لها وحافظا فلا يلزمه ضمانها ما لم يقبضها ويحتمل أن يضمنه الكل لأن يده ثبتت على الكل مشاهدة بغير حق فإن ضمنه الكل, رجع العامل على الغاصب ببدل نصيبه منها وأجر مثله وإن ضمن كل واحد منهما ما صار إليه رجع العامل على الغاصب بأجر مثله لا غير وإن تلفت الثمرة في شجرها, أو بعد الجذاذ قبل القسمة فمن جعل العامل قابضا لها بثبوت يده على حائطها قال: يلزمه ضمانها ومن لا يكون قابضا إلا بأخذ نصيبه منها قال: لا يلزمه الضمان ويكون على الغاصب.
|